responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 713
وَخُولِفَ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ زِيَادَةٌ فِي التَّفَنُّنِ وَإِلَّا فَإِنَّ السَّاجِدَ يُجْمَعُ عَلَى سُجَّدٍ إِلَّا أَنَّ الْأَكْثَرَ فِيهِمَا إِذَا اقْتَرَنَا أَنْ يُخَالَفَ بَيْنَ صِيغَتَيْهِمَا قَالَ كُثَيِّرٌ:
لَوْ يَسْمَعُونَ كَمَا سَمِعْتُ كَلَامَهَا ... خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعًا وَسُجُودَا
وَقَدْ عَلِمْتُمْ مِنَ النَّحْوِ وَالصَّرْفِ أَنَّ جَمْعَ فَاعِلٍ عَلَى فُعُولٍ سَمَاعِيٌّ فَمِنْهُ شُهُودٌ وَهُجُوعٌ وَهُجُودٌ وَسُجُودٌ.
وَلَمْ يَعْطِفِ السُّجُودَ عَلَى (الركع) لِأَن الوصفين مُتَلَازِمَانِ وَلَوْ عَطَفَ لَتُوُهِّمَ أَنَّهُمَا وصفان مفترقان.
[126]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 126]
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)
عَطْفٌ عَلَى وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً [الْبَقَرَة: 125] لإِفَادَة مَنْقَبَةٍ ثَالِثَةٍ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي اسْتِجَابَةِ دَعَوْتِهِ بِفَضْلِ مَكَّةَ وَالنِّعْمَةِ عَلَى سَاكِنِيهَا إِذَا شَكَرُوا، وَتَنْبِيهٌ ثَالِثٌ لِمُشْرِكِي مَكَّةَ يَوْمَئِذٍ لِيَتَذَكَّرُوا دَعْوَةَ أَبِيهِمْ إِبْرَاهِيمَ الْمُشْعِرَةِ بِحِرْصِهِ عَلَى إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ حَتَّى خَصَّ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ بِدَعْوَتِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَعْرِضُ الْمُشْرِكُونَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْحَالِ الَّتِي سَأَلَهَا أَبُوهُمْ فَيَتَّضِحُ لَهُمْ أَنَّهُمْ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الْحَالَةِ، وَفِي ذَلِكَ بَعْثٌ لَهُمْ عَلَى الِاتِّصَافِ بِذَلِكَ لِأَنَّ لِلنَّاسِ رَغْبَةً فِي الِاقْتِدَاءِ بِأَسْلَافِهِمْ وَحَنِينًا إِلَى أَحْوَالِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ كُلُّهُ تَعْرِيضٌ بِهِمْ بِأَنَّ مَا يُدْلُونَ بِهِ مِنَ النَّسَبِ لِإِبْرَاهِيمَ وَمِنْ عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ، كَمَا عَرَضَ بِالْآيَاتِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ هُنَا: ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ وَبِهِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَنْقَبَةِ عَقِبَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً [الْبَقَرَة: 125] .
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ: هَذَا بَلَداً مُرَادٌ بِهِ الْمَوْضِعُ الْقَائِمُ بِهِ إِبْرَاهِيمُ حِينَ دُعَائِهِ وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَابْنَهُ وَعَزَمَ عَلَى بِنَاءِ الْكَعْبَةِ فِيهِ إِنْ كَانَ الدُّعَاءُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوِ الَّذِي بُنِيَ فِيهِ الْكَعْبَةُ إِنْ كَانَ الدُّعَاءُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَإِنَّ الِاسْتِحْضَارَ بِالذَّاتِ مُغْنٍ عَنِ الْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 713
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست